أهلا فيكم
سبق تكلمنا عن الحلم الأمريكي، وعن تويتر كموقع طارد الحلم، اليوم سنتناول قصة
مختلفة يجهلها الكثير، قصة ماي سبيس، قصة موقع كان المفترض أن يحل محل فيسبوك وتويتر،
والآن ماهو ماي سبيس؟ وكيف كاد هذا الموقع أن يجتاح العالم، وكيف تحول في ظرف
سنوات قليلة من قمة النجاح إلى الفشل الكامل؟
تعالوا معانا اليوم لسماع القصة, ولكن وقبل أن
نبدأ, الاشتراك من فضلكم لزيادة المحتوى الهادف, بالايك والشير والتعليق, وننبدأ
أولا، ما قبل
ماي سبيس؟
قبل ماي سبيس،
كان الإنترنت لازال في البدايات، فصحيح أن هناك جيل من الشبكات الاجتماعية قبل ماي
سبيس، إلا أنها كلها تفتقر للكثير من الخصائص، أهم شبكة اجتماعية حينها كان اسمها فريندستر (Friendster)
رغم شهرتها، إلا أنها كانت بطيئة جدا وتتعطل بكثرة بسبب الضغط.
فكرة ماي سبيس؟
جاءت الفكرة من
موظفين إثنين في شركة Intermix Media بأن يعالجوا الخلل في موقع فرند ستير وهم توم
آندرسون وكريتفر ديولف, فصححوا الكثير من الإشكاليات البرمجية وعالجوا مسألة البطء
والأعطال المتكررة, وتم إطلاق الموقع عام 2003.
مميزات الموقع:
تميز موقع ماي سبيس بخصائص جعلته بلا منافس حينها وهي:
1 - استقرار تقني:
اثبت فريندستر أن
الناس يحتاجون لشبكة اجتماعية، إلا أنه هو نفسه فشل في منح الناس أحدها بسبب الفشل
التقني والتوقف المتكرر.
2 – الموسيقى:
قدم الموقع نفسه كمكان
للبحث عن الموسيقى وجديدها، من مفنين صاعدين وأغاني موجودة سلفا، وسهل النقاش
حولها من قبل الأصدقاء، وهذا جعل المغنين والفرق يدخلون الشبكة
ليكونوا قريبين من معجبيهم.
3 – تخصيص الصفحة:
كان الموقع يعطي للمستخدم
حرية تعديل صفحته الشخصية بتعديل الواجهة html وإضافة الصوت المطلوب.
فلسفة ماي
سبيس:
كانت لموقع ماي
سبيس فلسفة قائمة على بعض الأمور هي:
1-
فضاؤك القابل للتخصيص، فتح موقع ماي سبيس المجال
لتعديل واجه الموقع كما تريدها، من قائمة وشكل والوان وموسيقى خلفية، هذا فضاؤك
بالكامل.
2-
مكان تقضي فيه كل وقتك، الموقع كان لايزال يتبنى
الفكرة السائدة حينها (من يدخل موقعي لا يضطر للخروج منه) ستجد الأصدقاء
والمستجدات والألعاب والموسيقى، لم تضطر للخروج.
3-
التركيز لمحتواك، ستجد بعض الأمور التي تم
التركيز عليها مثل الصور والمدونات والأغاني والأصدقاء الثمانية.
انفجار الشهرة
العالمية:
الموقع
حقق نجاح لا يصدق، فمن عام 2005 حتى 2008, كان أكثر موقع يستخدم في العالم هو ماي
سبيس بدون منازع، وكان هو واجهه الإنترنت وقتها للكثيرين، لتتخيل حجم الشهرة، عام
2006, كان ماي سبيس أشهر من موقع جوجل نفسه! هذا يثبت أن رهان ماي سبيس على
الموسيقى كان اختيار سليم.
الغرور
ومعضلة الابتكار:
داء معضلة الابتكار تغلغل في ثنايا موقع ماي
سبيس، يكفي أن تعرف أنه في عام 2005 جاء شاب طموح جامعي عرض على مدير موقع ماي
سبيس كريس ديوولف فكرة شراء تطبيق هو صممه وعالج فيه أخطاء في ماي سبيس، كان هذا
الموقع اسمه thefacebook وهذا الشاب هو مارك
زوكربيرغ (Mark Zuckerberg)، مؤسس فيسبوك الحالي في شبابه،
وعالج أمور مثل:
1 – الاستقرار التقني، كان موقع ماي سبيس
يواجه الكثير من المشاكل البرمجية وعدم إستقرار الخدمة، تتذكرون؟
نفس المشكلة التي هرب الناس منها في فريندستر، عادت لتطاردهم في ماي سبيس!
2 –
توحيد الواجهة، موقع ذا فيسبوك جلب واجة مستخدم واحدة للجميع توحيدا للتجربة على
المستخدم وعدم إرباك الشخص بواجهات كل مستخدم، لأن تعديل واجهات المستخدم ولو كانت
خدمة جميله، إلا أنها تتم من قبل الناس غير متخصصين.
3 –
التناسق في الإعلانات، فيسبوك حينها نسق الإعلانات، في حين كانت إعلانات ماي سبيس
أقل تناسقا.
كان
مبلغ الشراء هو 75 مليون دولار، كريس ديوولف رفض شراء فيسبوك، كان كارثة سيدركها
الموقع في وقت لاحق، لكن الضربة القاضية كانت قبولهم أن يتم الاستحواذ عليهم من
قبل شركة News Corp عام 2005 بقيمه مقابل
580 مليون دولار، وهذا الاستحواذ تحول لكارثة بسبب طمع الشركة المالكة في تحقيق
أرباح لحظية على حساب رضى الناس ومستقبل التطبيق، فمشكلة الإعلانات أصبحت أكبر
ولاتطاق, وقل تحديث الخوادم وها أثر على التجربة بالبطء وعدم الاستجابة.
أضف
إليها عام 2006 ابتكار فيسبوك ميزة news feed, وهي صفحة التحديثات لكل أصدقاؤك، تخيل معي
كان موقع ماي سبيس يتطلب منك الدخول لصفحة كل شخص ومتابعه جديد ما كتبه بنفسك!
المحصلة:
ماي
سبيس أصبح منصة غير متناسقة وقبيحة بصريا، يعاني من بطء في الخدمة، مملوء
بالإعلانات التي سببت كارثة للمستخدم مع الوقت، ومع بطيء الإنترنت حينها (نحن بين
2005 حتى 2011) مع عدم التحسين، والطمع بالربح، وغياب الابتكار وضغط المالك الجديد
وظهور بدائل، تدريجيا بدأ الموقع في فقدان قاعدة الجماهيرية لصالح فيسبوك وتويتر.
تطور التدهور،
السقوط الحر:
لم
يكتفي فقط بنقص المستخدمين، فقد أثرت التجربة على المستخدم للحد الذي تجاوز فيه
فيسبوك على ماي سبيس في عدد الزيارات عام 2008, اريد التذكير أن ماي سبيس عام 2006
كان يتفوق على جوجل، وعامين فقط جعلته خلف فيسبوك.
وحجم
الخسارة كان كبير لدرجة ان المالك للتطبيق زاد عدد الإعلانات لتعويض قيمة الاستحواذ
عام 2008,
ولم
يكتفي الموقع بذلك، بل في عام 2009 أقالت الشركة مؤسس التطبيق كريس ديوولف,
وعينوا مدير تنفيذي آخر سبق له العمل في فيسبوك, ورحل تم أندرسون المؤسس الثاني
للموقع.
وهذا الرحيل تبعة تسريح جماعي لـ 30% من عدد الموظفين, في محاولة لخفض التكاليف.
عام 2010 أعلن عن الهوية الجديدة للموقع لمحاولة إنقاذ الموقع من التدهور، والتخلي
عن منافسة الفيسبوك كمنصة اجتماعية عامة والتحول لمكان ترفيهي اجتماعي عام، وطبعا
فشلت المحاولة.
البيع
بالخسارة الكاملة:
اضطرت
مالك الموقع نيوز كروب News Corp لبيع التطبيق لشركة سبيسيفيك ميديا Specific Media
مقابل 35 مليون دولار فقط، في خسارة تتجاوز النصف مليار دولار لنيوز كروب، في أحد
أسوأ الصفقات للبيع.
لا يوجد الكثير مما حصل للموقع بعدها،
تجدر الإشارة لأن الموقع أعلم عام 2019 أنه فقد كل بيانات والصور والأغاني التي تم
رفعها عليه قبل عام 2015, وهذا نستطيع أن نقول إن القيمة التاريخية للموقع فقدت بالكامل،
الموقع لايزال موجود، لكنه مختلف كل الاختلاف عن السابق، شبح مما كان عليه، موقع
كان المفروض أن يغزوا العالم.
العبرة والخاتمة:
هذه قصة تبين شيء، الحلم الأمريكي له جانب آخر غير طيب، جانب يخص من يستهتر
بقوانين السوق، إما أن تحقق حلمك، أو آخر سيكون حلمه على أكتافك، ينبغي للشخص عدم
الاستهتار بمصادر دخله، وعليه استغلال الفرص ما امكن, وأسباب النجاح محددة
ومعروفة, واي شيء آخر هو خلطة فشل جديدة, فيسبوك فهم الأمر وجلب للناس ما يريدونه,
ماي سبيس استهتر مالكوه بالإعلانات المزعجة بهدف الرح اللحظي, فيسبوك رأت
المستقبل, وماي سبيس أصابهم الغرور والشرة للمال اللحظي, من يتخيل أنه من المفترض
أن تسمع عن ماي سبيس وليس فيسبوك لولا معضلة المبتكر؟ هذا هو السوق، سيعصيك إن
عصيت القانون، أما إن تريد أن يطيعك السوق فطع القانون.
No comments:
Post a Comment