Saturday, November 15, 2025

عن نوكيا , عملاق لم يسقط #عن_الثامنة

!لم نفعل شيئا خاطئا، ولكن بطريقة ما، خسرنا

مقولة قالها ستيفن إيلوب في صفقة بيع قطاع الهواتف من نوكيا لشركة مايكروسوفت،

الغريب، أن الموجود ف الصورة هو مدير مايكروسوفت وليس نوكيا! ولم يكن يبكي وقتها، والسبب هو أن مدير نوكيا لم يقل هذه الجملة! والأغرب أن نوكيا لم تخسر كما قد يتخيل البعض!

اليوم عن نوكيا، شركة الهواتف المعروفة التي دخلت كل بيت، واللطيف أنها لازالت في كل بيت، ليس في الذاكرة! بل منتجات ونحن غير مدركين، من هم مؤسسين نوكيا؟ وكيف صعدت؟ ولماذا تعثرت؟ وكيف لاتزال موجودة إلى اليوم؟

تأسيس نوكيا
في سنة 1865 قام
فريدريك إيدستام بتأسيس مصنع لصحن الخشب وبهدف صناعة الورق، وفي عام 1868 تعاون من صديقة ليو ميشيلين لبناء مصنع على ضفاف نهر نوكيانفيرتا" (Nokianvirta) القريب من مدينة نوكيا، وهنا أخذت اسم شراكتهم اسم نوكيا، وكانت تعمل في مجال الخشب والمطاط.


كيف دخلت نوكيا قطاع الإلكترونيات؟
نوكيا الحالية هي اندماج 3 شركات، نوكيا للأخشاب،
شركة المطاط الفنلندية، شركة الكابلات الفنلندية، الأخيرة هي مربط الفرس.
شركة الكابلات الفنلندية:

هي شركة فنلندية نشأت عام 1912 على يد أرفيد ويكستروم (Arvid Wickström), وسبب كونها رائدة هو

 إسهاماتها الحربية لجمهورية فنلندا خلال الحرب العالمية الثانية.
خاضت جمهورية فنلندا حربين ضد السوفييت هما حرب الشتاء وحرب الاستمرار, أسهمت الشركة في بناء كيابل للحكومة الفنلندية بهدف دعم المجهود الحربي, وفي النهاية إنهزمت فنلندا! وطالب السوفييت بالتعويضات وكانت هذه التعويضات منتجات للسوفييت وليست أموال, شركة نوكيا الفنلندية أنتجت الكيابل كجزء من تعويضات الحرب بكميات كبيرة, وهنا صار عندهم القدرة على الإنتاج الكمي, انتهت التعويضات عام 1952, وهنا بدل من إغلاق المصانع وتسريح العمال, اتجه مدير الكابلات الفنلندية : فيرنر ويكلوم (
Verner Weckman) لسياسة تصدير الفائض, وتأسيس قطاع إلكترونيات عام 1960, وهذه الشركة أصبحت الرائدة في القطاع الإلكتروني حينها.

هنا تفهم سبب كون نوكيا رائدة في القطاع الإلكتروني, هذه الريادة سببها استغلالهم لأحد الشركات المندمجة معها لتأسيس الكيان الجديد
Nokia Corporation, وكانت منتجة للكثير من المعدات والإلكترونيات المدنية وحتى العسكرية, منها أجهزة رادار عسكرية وإتصالات عسكرية لاسلكية, وحتى أجهزة كمبيوتر وأجهزة للبيانات تعود لعام 1978!.

دخول قطاع الاتصالات:

أسست نوكيا شركة هواتف باسم موبيرا, عام1979, بهدف تطوير شبكة اتصالات عامة, في السابق أنت تستخدم أجهزة متنقله ولاقطة للموجات بدون وجود محطات استقبال في المنتصف, وهذا جعل نوكيا تطور مشروعين, مشروح نوكيا للأبراج والاتصالات, بهدف توزيع الموجات, وشركة هواتف, وأنتجت شركة نوكيا اول شبكة اتصالات عالمية حينها عام 1981  وأول هاتف محمول وقتها وكان تحت اسم شركة موبيرا, ومن هذه الشركة الجانبية نشأت إمبراطورية نوكيا للهواتف.

نوكيا للهواتف:

نوكيا هي من اخترعت شبكات الاتصال الحالية، وأنتجت الهواتف المحمولة، وأصبحت أكبر شركة اتصالات في العالم، وكانت أكبر شركة هواتف في العالم، لدرجة أن 21% من ضرائب فنلندا كانت تستقطعها من شركة نوكيا، وكانت حرفيا فخر وطني للفنلنديين، ولكن كما نعلم، ظهر الآيفون 2007, وظهر الأندرويد عام 2008, ونوكيا لم تواكب التغيير، فخسرت القطاع وخرجت منه.

يأتي السؤال، كيف حصل ذلك؟ لماذا خسرت نوكيا قطاع كانت تملكه بالعرض والطول؟ تملك مجال هي اخترعته تقريبا؟

ماذا فعلت نوكيا لتخسر؟
لنفهم سبب خسارة نوكيا، يحتاج نراجع العوامل الخارجية التي تغيرت:

1 – تكنلوجيا البطاريات، ظهرت بطاريات الليثيوم كبديل للنيكل.
2 – شاشات سعوية, تقنيه تدعم لمس الإصبع وتعدد اللمات للشاشة.
3 -  مساحات التخزين, كانت تقنيات الذاكرة مرتفعة جدا, وانخفضت بدأ من عام 2001.
4 – الإنترنت اللاسلكي, في السابق كان الإنترنت لاسلكي مكلف جدا وبطيء للغاية, بدأ من 2005 بدأ الإنترنت في التحسن.

5 – المعالجات، بشكل عام تحسنت تقنيات المعالجات لدرجة تسمح بتشغيل أنظمة تشغيل على أجهزة محمولة.

كل هذه العوامل أدت لإصدار هاتف الآيفون عام 2007, والذي جمع كل التقنيات الجديدة في الجهاز الجديد.

وهنا نستطيع فهم العوامل الداخلية التي أدت لخسارة نوكيا وأهمها:

1 – الصراعات الداخلية، نوكيا شهدت صراع داخلي بين أنصار الفكر القديم والجديد:

تبني الفكر القديم نفس الأفكار القديمة "أجهزة ببطاريات جيدة ومصنعية فخمه" متجاهلين الطلب الجديد للناس بطلب نظام تشغيلي أحدث.

2 – الخوف التنظيمي،
خشي المدراء من مواجهه حقيقة أن نظامهم القديم سيمبيان أصبح خارج المنافسة.

3 – استخفاف بالبرمجيات:
في حين أصبح الهاتف مكان لقضاء وقت أطول على البرامج، لم تستوعب نوكيا الأمر واستمرت في تبني هواتف تستخدم للاتصالات في المقام الأول والمراسلات بالرسائل النصية.

4 – تعارض المصالح،

المدير التنفيذي لنوكيا وقتها، كان أمام خيارين، إما أن يتبنى نظام أندرويد ويتخلى علن نظام نوكيا الخاص (وهو أمر فعلته سامسونج بالمناسبة بالتخلي عن نظام بادا لصالح أندرويد) أو تبني نظام ويندوز فون من مايكروسوفت، ستيفن ديلوب اختار الخيار الخطأ وتبنى نظام ويندوز، والسبب هو أن ستفن ديلوب عمل سابقا في مايكروسوفت ولم يكن مخلص لنوكيا!

هذه العوامل أدت للانهيار الدراماتيكي لنوكيا، في البداية لم تستشعر نوكيا الخطر، ضنوا أن الأمور ستمشي كما هي، ولكن بدأ من عام 2009 بدأت نوكيا في تحقيق الخسائر حتى عام 2011, ومع فشلهم في إصدار نظام خاص نظام ميقو, أرادوا تبني نظام جديد موجود بالفعل في الأسواء, فلجوا للخيار الخاطئ وهو نظام ويندوز.

المشاكل لم تحل، استمرت الخسائر في مطارة نوكيا حتى قررت التخلص من قطاع الهواتف بالكامل لصالح مايكروسوفت سنه 2013 في صفقة بيع, وهي الصفقة التي يزعم فيها أن ستيفن ديلوب ذكر ( لم نفعل شيئا خاطئا، ولكن بطريقة ما، خسرنا!), لو رأيت الأسباب السابقة (بعضكم عاشها) ورأى أخطاء نوكيا وإستمرارها في العمل الخاطئ منذ 2007 حتى 2011, لعرفت أنهم لم يقوم بالعمل الصحيح, فكيف أنهم لم يفعلوا شيئا خاطئ؟!

حسنا, نوكيا خرجت من قطاع الهواتف صحيح؟
تتذكرون نوكيا وتأسيسها شركتين, شركة بناء هواتف وشركة لصنع شبكات الاتصال؟ بعد بيع قطاع الهواتف لمايكروسوفت أصبح المدير التنفيذي لنوكيا راجيف سوري
(Rajeev Suri) المهندس الذكي لتحول نوكيا من تركيزها على الهواتف إلى التركيز على البنية التحتية للاتصالات, حاليا نوكيا ركزت كل جهدها في قطاع الشبكات والاتصالات, وأصبحت أحد روادها في العالم, استحوذت على شركة ألكاتل-لوسنت (Alcatel-Lucent)الرائدة في الاتصالات, وطورت تقنيات الجيل الخامس بدئا من عام 2016, وأصبحت تبيع تراخيص الاتصالات لكل شركات الهواتف من سامسونج وآبل وخلافهم من الشركات, وحاليا لا يوجد هاتف لا يستخدم تقنيات نوكيا, وحاليا نوكيا شركة ملياريه, تحقق أرباح سنوية تقدر بالمليارات, منتجاتها لا يراها الشخص والمستهلك العادي, لكنه يستفيد منها دون أن يعلم, لإدراك التحول:

 

السنة

المبيعات السنوية (الإيرادات)

القيمة السوقية (نهاية العام)

الحدث الرئيسي (للسياق)

2003

34.3 مليار دولار

81.5 مليار دولار

عصر هيمنة نوكيا

2007

71.5 مليار دولار

152.2 مليار دولار

(القمة) إطلاق الآيفون

2008

75.8 مليار دولار

59.3 مليار دولار

(أعلى إيرادات في تاريخها) لكن القيمة السوقية تنهار

2011

53.4 مليار دولار

18.1 مليار دولار

التحول إلى نظام ويندوز فون

2012

39.3 مليار دولار

14.5 مليار دولار

(القاع) أدنى قيمة سوقية للشركة

2024

20.6 مليار دولار

24.1 مليار دولار

-

2025

(حوالي 21 مليار دولار TTM)

38.1 مليار دولار (حتى الآن)

نوكيا كشركة تقنيات شبكات واتصالات

 

العبره هي,

نوكيا من  تحولت من شركة صحن خشب إلى عملاق تقني, كانت دائما تلاحق الفرص وتستغلها, شركة نوكيا عمرها تجاول 150 عام, وخلال هذه الفترة لم تشهد إنتكاسة بهذه القسوم إلا بعد أن أصابها الغرور وتكلست وأصابها معضلة المبتكر, ودائما تأكد, السوق له قوانين, من لا يتقدم يتقادم, لم يشفع لنوكيا إخلاص العملاء, ولم يشفع لها عمرها الطويل من الاستمرار والنمو, بس مجرد أنها انحرفت عن الأسلوب الصحيح, وعصت السوق, فالسوق عصاها, الحياه فيها قوانين وحتى السوق له قوانين, والفرد عليه أن يطيع القانون.

No comments:

Post a Comment