Saturday, October 18, 2025

عن الحلم الأمريكي

1. المقدمة:

أهلا فيكم! اليوم سنغوص في مصطلح شغل العالم: الحلم الأمريكي، الـ American Dream هو وصف شائع للفرص التي تتواجد في أمريكا، ولكن قبل أن نشرح معناه، دعونا نأخذ جولة سريعة جداً في كيف نشأت أمريكا بشكلها الحالي.

2. الخلفية التاريخية: لماذا أمريكا؟

في السابق، كانت أوروبا تتبنى نظاماً طبقياً قاسياً، قائماً على تقسيم الناس إلى (ملوك، نبلاء، رجال دين، فرسان، وأقنان). كان الأمر وراثياً بالكامل: إما أن تولد نبيلاً فترث النبالة، أو تولد فقيراً فترث الفقر، ولا يوجد أي فرصة للتحول الطبقي.

تزامن هذا مع انشغال أوروبا بالحروب الداخلية، واضطهاد ديني، واحتكار للمنتجات، وتكلس ثقافي واجتماعي وديني جعل حياة الناس صعبة. ومن وسط هذه الضائقة، خرجت جماعات من أوروبا بحثاً عن الفرص وحياة أفضل، وبالتحديد إلى أمريكا.

3. نشأة القارة الجديدة:

نحن نقصد بأمريكا هنا: الامتداد التوسعي للمستعمرات البريطانية. بدأ الاستيطان البريطاني المستمر من خلال شركة فرجينيا في عام 1607، ببناء مستوطنة جيمستاون.

في البداية، كان الهدف هو تحقيق الأرباح، من خلال استغلال خصوبة الأراضي لزراعة التبغ والسكر، وصيد الحيوانات البحرية والبرية لتصديرها للقارة الأوروبية.

بعد توافد الجماعات الأوروبية الأصل، لم يكن يجمعهم أي رابط مشترك، إلا الهروب من الحروب الأوروبية المستمرة ورغبتهم في ملاحقة الفرص المالية. لقد خلف المتوافدون وراءهم كل ما يخص أوروبا: من حروب، والتزامات، وممتلكات، والأهم، تركوا العادات والتقاليد والأعراف التي كانت تُقيّد حرية الشخص.

هناك في بلد الأحلام، تم بناء عالم جديد:

  • عالم يخلوا من النظام الإقطاعي والنظام الطبقي.
  • لا وجود فيه للنبلاء أو رجال الكنيسة أو طبقة حاكمة.
  • عالم يخلو من الدول المستبدة والحروب منهكة.

وبسبب طبيعة هذا الشعب، نشأت فكرة الحلم الأمريكي.

4. ما هو الحلم الأمريكي؟

كلمة "الحلم الأمريكي" هي وصف صاغه المؤرخ جيمس تروسلو آدامز (James Truslow Adams) في عام 1931.

وتلخيص الفكرة يتكون من أربعة عوامل أساسية:

1. حلم الوفرة

ارتبط الرخاء وكثرة المنتجات بأسلوب الحياة الأمريكي. الكل ينتج ما يستطيع بيعه دون قيود النقابات العمالية الأوروبية. أنت في أمريكا برو!

2. حلم ديمقراطية السلع

الجميع يصل لنفس المنتجات. لا يوجد منتج يحصر بيعه لطبقة دون أخرى، لا سلع للنبلاء أو الكهنة. هات الدولار ولك ما تشاء!

3. حلم حرية الاختيار

تنوع المنتجات بشكل غزير، متعددة الجودة والأسعار. يمنح الأمريكي خيار التنوع. اللي تحب تلقاه!

4. حلم التجديد

لن يعلق الشخص في نفس المنتجات كل مرة. دائماً هناك منتج جديد لم يكن موجوداً من قبل، والآن لك حرية تجربته كخيار جديد. وعيش يا برنس!

 

5. الخلاصة والخاتمة

في المجمل: الحلم الأمريكي هو فكرة نشأت من تحرر الأوروبي من القيود الاقتصادية والاجتماعية والدينية والسياسية، وبحثهم عن هذا الحلم في قارة جديدة نظيفة بعيداً عن كل القيود التاريخية والثقافية المتكلسة.

في السابق، أوروبا تبنت نظاماً طبقياً يحرم المجتهد من التحسن. أمريكا تبنت العكس. وهذا ما أسس الحلم الأمريكي. الكل يستطيع أن يجد مبتغاه، الكل لديه فرصة، الكل يستطيع، اجتهد تجد.

أمثلة:
لتعرف مدى تحرر السوق الأمريكي ومقاومته لسيطرة الدولة على الاقتصاد، خذ هذه المعلومات السريعة:

          1 – لم يتواجد بنك مركزي في أمريكا إلا عام 1913, أي بعد 137 سنه من إعلان الاستقلال!

          2 – حتى اليوم، قطاع الطاقة النووية السلمية هو قطاع خاص بالكامل فقط يخضع للرقابة الفيدرالية.

          3 – توجد الآن أكثر من 9000 شركة منتجة للنفط في الولايات المتحدة، بمتوسط 12 موظف لكل شركة.

الخاتمة والدعوة للإجراء:

مثل ما كانت القيود الثقافية والاجتماعية هي العائق لأوروبا، ينبغي لنا أن نفهم أن هذه هي "الأغلال". لتكرار التجربة الناجحة، علينا أن نكسر قيود الفشل، ونلتزم بالقانون.

الآن، شاركوني في التعليقات: ما هي القيود التي تراها في مجتمعنا اليوم وتمنعنا من تحقيق أحلامنا؟ لا تنسَ الاشتراك وتفعيل الجرس لمشاهدة المزيد! ولا ننسى، طع القانون.

Saturday, October 11, 2025

عن ثالوث الظلام, الصفات الأشرار الثالثة

أهلا فيكم،
سبق وتكلمنا عن الشر، وأنه لا يرفض دائما، أكدنا أنه يوجد أشرار حقيقيين، اليوم سنتكلم عن تعريف علمي للشخصية الشريرة، وهو الثالوث المظلم.
من ابتكر المصطلح؟
في عام 2002 قام كلفن ويليامز وديلوري بالهاوس بابتكار هذا المصطلح، ثالوث الظلام، وهو يفسر الأشخاص الأشرار بثلاثة صفات:

1 – النرجسية، 2 – السايكوباثية، 3 – الميكافيلية، واليوم سنقوم بتفسير هذه الكلمات.


1 – النرجسية:

هي درجة من حب الذات بشكل مرضي، وملازمة عادة لمشاعر عظمة زائدة عن الحد، مصحوبة بالرغبة بجذب إنتباه الناس، واعتقاد بأنه أكثر استحقاقا من الآخرين، يضاف إليها عدم إمكانية لفهم مشاعر الناس بسهولة.

2 – السايكوباثية \ معاداة المجتمع.

هو مصطلح تم صكه عام 1970 بواسطة العالم روبرت هير، هو يفسر حالة مظلمه من الناس تمتاز بدرجة كبيرة من التهور والاندفاع والميل للعنف والعدوانية، وفقدان للتشاعر الإنساني أو الشعور بالذنب، مع عدم اكتراث لقواعد المجتمع والقانون.

3 – الميكافيلية:

صفة تم تسميتها تيمننا بالمفكر نيكولو مكيافيلي, سياسية من عصر النهضة ولد عام 1469, وضع مألفه ( كتاب الأمير ) عام 1513, ومنه استلهمت الكثير من الأفكار السياسية, وتعريف الميكافيلية هي استخدام علم هذا المفكر السياسي على الأفراد, وتتسم المكيافيلية بالميل للمظاهر واستغلال الآخرين والكذب صراحة, كل هذا بدافع واحد ( الغاية تبرر الوسيلة) .

 

في المجمل:

الشرير هو شخص يرى أنه أفضل من الآخرين، وأنه يستحق الكثير، ولا يتردد باستخدامهم الناس كأدوات لتحقيق مآربه الشخصية، ولأنه بالفعل شرير وليس أفضل من الآخرين، فهو يضطر للكذب على الناس طمعا في إقناعهم بتحقيق أهدافه الخاصة، ويصعب أن يقوم الشخص بالكذب صراحة دون الخوف من اكتشاف خداعة إلا إذا كان يتميز بدرجة عالية من المخاطرة والتهور والاندفاع الي يجعله يطمع بتحقيق المصلحة الآن وينسى أنه سيواجه تداعيات سلبية بعد حين.

 

الخلاصة:

الشرير لا يمكن أن يكون أخلاقيا، فلا أخلاق في الكذب، وأين الإنسانية في غياب التعاطف والتشاعر الإنساني؟ وأين الحكمة في تجاهل التداعيات لكل هذه الممارسات المرضية؟ أيعقل أن يكون المرء مرتاح البال وهو يعرف أن الهمس عنه بأنه ( ظالم, مخادع, كاذب, مغرور ) أيعقل أن يكون الشخص ضارا لكل من يتعامل معه؟ أيرضى أن يسمع أولاده عن أبيهم وصف السوء وهم لا يدرون ما الرد؟ أيتساوى من يحتفظ بالثقة الناس فيه بمن يخونها؟ أيتساوى من يؤثر طواعية على من يأخذ الحق غصبا؟ أيستوي من يخالف القانون مع من يطيعه؟

Friday, October 3, 2025

عن قناعات النت, الغريبة!

 أهلا فيكم.


نعرف ناس، لطيفين، طيبين، وطبيعيين ومحترمين، لكن في الإنترنت ستجد مجتمع آخر, تجد العالم السلبي, تنتشر فيه القناعات الغير مقبولة اجتماعيا, وحتى أفكار خاطئة جدا تجد لها صدى ومجتمعات في الإنترنت.

من يرى المجتمع والناس, ويرى الشبكات الاجتماعية, يدرك حجم الاختلاف والتباين بين ما يظهر من قناعات المجتمع وبين ما يظهر في الشبكات الاجتماعية , لدرجة أن البعض قد يتوقع أن الناس المتواجدين في الإنترنت أنهم من الخارج المجتمعات المستهدفة، اليوم سنناقش هذا الموضوع ولنبين هذا الأمر ولنوضح أن معظم هؤلاء الناس المتواجدين في الشبكات الاجتماعية هم فعليا من نفس المجتمعات المحافظة، وقد يكون أنت تعرف بعضهم شخصيا، وسنوضح لماذا قد يتحول ناس عاديين لناس يمارسون هذا السلوك الفاضح، لمعرفة هذه الظاهرة لنعرف نحتاج أولا معرفة سبب هذه الظاهرة:

--------------------------------------------------------------------------------------

من أسباب تبني الناس قناعات مختلفة عن المجتمع

·       غياب الضغوط الاجتماعية على الفرد في الفضاء الرقمي.

o      وجود الشخص في مجتمع واقعي ومعروف يدفعه للاستمرار بالتظاهر بتبني نفس القناعات المجتمع، هذا الحاجز يسقط في الفضاء الإلكتروني وتواجد أشخاص يشاركون نفس الاهتمامات ونفس طريقة التفكير، مما يعزز شعور الشخص بأنه ليس وحدة.

o      فكر، وأصدقني القول: هل تعتقد حقا أن كل من عرفتهم وقابلتهم يشاركونك ويشاركون المجتمع نفس المبادئ؟ وأين تعتقد أنهم يظهرون فيه معتقداتهم وقناعاتهم بكل حرية؟

·       نظرية غرفة الصدى، وهي قائمة على تكوين مجتمعات من مناطق متباعدة تتشارك نفس الأفكار.

o      يسهل تكوين مجتمعات تتشارك نفس القناعات من مناطق متباعدة في مكان رقمي واحد، زيادة العدد يزيل عن الشخص الشعور بالغربة والعزلة ويجعله أميل للاقتناع أن موقفه غير خاطئ وأنه طالما وجد من يشاركونه نفس الاهتمام فلابد أن يكون موقفه صحيحا، مهما كان رأيه متطرف، ويقلل من رغبته عن البحث عن الآراء المختلفة، الأمر كغرفة الصدى، إذا تكلم سمع صوت نفسه، ولذلك سميت غرفة الصدى.

o      فكر، لماذا توجد كل هذه المجتمعات المتطرفة على الفضاء الرقمي؟ كيف يمكن ان يجد الشخص من يشاركه نفس الاهتمامات بسهولة؟

·       تأثير دانينج وكروجر، الجهل بالجهل.

o      تأثير دانينج كروجر هي تجربه علمية بينت أن منخفضي الخبرة في مجال ما، فبسبب جهله فالشخص يبالغ في تقدير نفسه في هذا المجال الذي لا يحسنه، وهذا سبب أن كثير من الأشخاص على الإنترنت يتبنى قناعه اجتماعية أو نظريات ويدافع عنها بشدة وبحماسة في الفضاء الرقمي، ومن الوارد أن هذه القناعات قد تتعارض مع القناعات المجتمع نفسه.

o      فكر، هل كلنا خبراء في كل مجالات الحياة؟ كلن منا خبير في مجال او إثنين في الحياة، ولكننا مضطرون لاتخاذ قرارات في مجالات كثيرة نحن غير مؤهلين لمعرفة الجواب الصحيح فيها، إذا كنا كذلك في حياتنا اليومية، فمن أين للأشخاص على الإنترنت كل هذه الخبرات ليكون لديهم هذه القناعات؟ هل كلهم خبراء في علم الاجتماع؟ او كلهم خبراء في المجال الطبي؟ ام أنهم أيضا غير مؤهلين لمعرفة الجواب ومعظمهم فعليا يجهلون أنهم غير مؤهلين لإبداء الرأي؟ هذا التأثير يجعلهم يتبنون قناعات خاطئة، ويتحولون إلى أصوات عالية وقوية في الفضاء الرقمي.

 

v    في المجمل: بسبب إمكانية إنشاء مجتمعات متشاركة لنفس الاهتمامات على الإنترنت، وبسبب طبيعة الناس التي يستتبعها اختلاف في معظم تفاصيل الحياة، وإمكانية التحرر من القيود الاجتماعية في الإنترنت، وبسبب رغبه الناس في إزالة الشعور بالغربة، يمكن أن يجتمعوا في منتديات على الإنترنت المتباعدة جغرافيا، وبسبب أن كثير منهم غير مؤهلين لإبداء رأي في كثير من مواضيع الحياة، وعدم إدراكهم بجهلهم، تظهر لنا هذه الآراء المتطرفة والغير متوافقة مع المجتمع بشكل كبير على الإنترنت.