أهلا فيكم، كثير منا يمتلك أفكار في حياته، منها فكرة كثير من الناس يقتنعون فيها، وهي: اعمل في مجال أنت تحبه لتبدع فيه.
هذه الفكرة ليست جديدة، وهي تعتمد أن
العمل في العادة يكون مملاً وغير ممتع، فلو عمل الشخص في مجال يحبه، فهو بذلك
سيدرأ عنه ملل العمل وسيكون مستمتعا طوال الوقت، وسيحصل على مصدر رزق، وأنه من
الغير سليم أن يعمل الشخص إلا في مجال هو يحبه، ليستطيع الإبداع والابتكار والنمو
وتحقيق المنفعة، وليبحث عن شغفة.
هل هذا الكلام او الفكرة صحيحة؟
باختصار، وبشكل مباشر جدا، هذه أحد
أكثر الأفكار الخاطئة انتشاراً، هي ليست خاطئة فحسب، بل خاطئة حتى العظام، لتعمل
وتجد لنفسك وتحصل على المنفعة المهنية، عليك ألا تعمل ما تحب، ولكن قبل أن نفهم ما
لذي يجب عليك أن تعمله، ينبغي أولا فهم لماذا هذه الجملة خاطئة في الأساس؟ لماذا
لا يجب علينا أن نعمل ما نحب؟ ولماذا ينبغي علينا ألا نتبع شغفنا؟
سنذكر بعض الأسباب هنا:
1 – الشغف عادة في القطاعات الاستهلاكية.
القطاعات التي يحبها الناس في معظم
الحالات هي القطاعات الاستهلاكي النهائي، وهي في العادة ليست المدرة للدخل وليست
مصدر المنفعة.
2 – الأعمال
تتطلب روتين ممل.
الأعمال تتطلب روتين دائم، وكثيرا هذا
التكرار يكون مملاً، ولأن القطاعات الاستهلاكية هدفها كسر روتين الناس، فلا توجد
أعمال تجلب المنفعة وتشبع الشغف وتكون غير روتينية.
3 – الشغف
يتجاهل عدم تساوي الفرص:
للأسف، الناس غير متساوين في الفرص، كثير
من محددات النجاح ليست أمور نقررها بالضرورة، البعض يولد في عائلة تمنحه فرص
تعليمية أفضل من الآخرين، والبعض يكون حظه في التعليم أقل، البعض يصادف أن يجد ناس
يمنحونه فرص عمل أفضل وأبواب من المنافع، حتى البعض أجمل منظراً من البعض، كل هذه
فرص يمكن استغلالها، الشغف لا يأخذ هذا في الحسبان.
في المجمل:
شغف الناس هي
القطاعات الاستهلاكية، التي تهدف إلى كسر روتين الناس وتتجاهل الفرص الغير عادلة
التي ينبغي لك استغلالها، وهي لا تشبه المجالات التي تصنع لهم هذه المنتجات
الاستهلاكية.
كمثال: ألعاب
الفيديو، الكثير يحبون ألعاب الفيديو، لكنك هل صناعة لعبة الفيديو أمر يشبه اللعب؟
صناعة اللعب تتطلب روائيين يكتبون ما يمكن رسمه، ورسامين يرسمون ما يمكن نمذجته في
محرك الألعاب، والمبرمج يتأكد من سلامة اللعبة، وحتى أخصائيين نفسيين للتأكد من أن
اللعبة ممتعة، فلا سبيل لرسام أن يتحول إلى روائي لمجرد أنه شعر بالملل وطلب كسر
الروتين! او مبرمج تذكر شغفة بالرسم فرمى شهاداته الجامعية في القمامة وترك عملة
في برمجة اللعبة دون انتهاء ليتحول للرسم!، لن يتم إنتاج لعبه بكذا فريق.
أتحب الطعام؟ فهل هذا يعني أن تعمل مزارعا؟! او حتى طباخا؟! هل تناول الطعام تشبه
زراعته او طبخة؟!
فكر فيها.
الخاتمة:
فكرة أن تعمل
ما تحب هي فكرة طفولية، والحياة ومتطلباتها تتعارض مع هذا الطرح، والمطلوب منك
كبالغ هي:
1 – الالتزام، المزاج وتتبع الشغف ليس
للأشخاص الكبار، عليك الالتزام ولو تعارض مع حالتك المزاجية.
2 – المسؤولية، أفعالك لها عواقب وهناك متأثرين،
ليس لك حق تجاهل هذا التأثير.
3 – النفعية، ابحث عن منفعتك الشخصية، لا
تفرط في حقك.
4 – الواقعية، احذر الغرق في بحر
الأفكار المثالية البعيدة عن الواقع وفكر الأمنيات.
5 – استغلال الفرص، استغل أي مميزات لديك،
فالناس ليسوا متساويين في الفرص لأنها طبيعة الأمور.
استغل الفرص المتاحة،
واعمل ما يمكنك أن تعمله، وابحث عن المنفعة، وكن مسؤول، والتزم بطاعة القانون.